الثلاثاء، سبتمبر 14، 2010

أشكو اليك !!


ليس غريباً علينا ولا على ديننا الإسلامي، الإساءة من قبل الآخر. فالإسلام منذ ظهوره وهو يتعرض للإساءة من المشركين والمنافقين وغيرهم، وبقي الحال كما هو عليه حتى أيامنا هذه. لن أتحدث عن ذلك المعتوه، ولا عن أي إساءة بلهاء أخرى، فهذه الإساءات أسخف من أن نحفظها في ذاكرتنا الملئى بالمآسي. ما يشغلني دائماً عند حدوث أي إساءة هو نحن.
نعم نحن، ردود أفعالنا المضحكة والمتفرقة والعشوائية، سواء على المستوى الشعبي أوالرسمي. مظاهرات تودي بحياة العشرات، وحرقٍ لكنائس، واعتداءات على سفارات. لست أفهم سبب تحول مظاهراتنا إلى مظاهر عنف، و أتمنى الَا أفهم سبب صب جام الغضب على اخواننا المسيحين وكنائسهم، أين نحن الآن من عمر الفاروق!! ثم إن عقلي البسيط لا يستطيع استيعاب فكرة الاعتداء على السفارات و العاملين بها.
على المستوى الرسمي لا أقول حدث ولا حرج، بل أقول كما يقال باللهجة المحكية "لاتقولي ولا أقولك"، صمت حكومي تام، وبيانات متفرقة من هذا الشيخ وتلك الهيئة. وحتى هذه الردود تظل في وسائل إعلامنا وجرائدنا و كأننا نتحدث إلى أنفسنا، في حين أن الإساءة تأخذ النطاق الدولي. بالإضافة إلى أن ردود أفعالنا ليست بنفس مستوى الإساءة، لا من حيث الشكل ولا حتى من حيث المضمون.

ما يحزنني في الموضوع هو أن نكون نحن في دائرة "ردود الفعل"و ليس في" دائرة الفعل". لماذا علينا أن ننتظر الغير ليسيئ حتى نتحرك؟ أو بالأحرى لماذا ننتظر وسائل الاعلام حتى تختار ما يحلو لها من الإساءات لديننا في بقاع الأرض المختلفة لتعرضه ثم نتحرك. جميعنا يعلم أننا لو ذهبنا لمكتبة أي جامعة في الغرب سنجد أبحاثاً وكتباً تسيء للإسلام، غير أن الإعلام لا يركز عليها، مما يعني انها بالنسبة لنا بأنها غير موجودة!! وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، لعل أقربها ما تزامن مع دعوى حرق المصحف، وهو تكريم رسام الكاريكاتير من قبل ميركل المستشارة الألمانية بجائزة لحرية التعبير!!! خبر مثل هذا كان أجدر بالتغطية والغضب الرسمي والشعبي، فكيف لسياسية بمستوى ميركل أن تكرم شخصاً كهذا على المستوى الرسمي!! لقد مر هذا الخبر مرور الكرام ولم يلتفت اليه أحد لأن وسائل الاعلام بكل بساطة لم تركز عليه. أذكر أنني حضرت محاضرة لـ د. حمزة يوسف، وقد تزامنت هذه المحاضرة مع الرسوم المسيئة لشخص النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان تعليقه على التغطية الإعلامية الإنتقائية لبعض الإساءات وغفال إساءات أهم وأكبر: "Tsunami is big, becouse CNN is big"، في دليل واضح على أهمية الإعلام في صناعه الأفكار وردود الفعل.

وبالعودة إلى دائرة الفعل، أعجب كثيراً من الهيئات والمؤسسات المعنية بشؤون الإسلام التي إلى الآن لا نجدها تمثلنا، أو بمعنى أدق لا نجدها ترد بلساننا نحن المليار ونصف مسلم. لماذا لاتكون هناك جهة واحدة ترد باسم المسلمين بجميع طوائفهم، وتكون ممثلة رسمية عنهم، وتكون هذه الجهة هي الجهة الوحيدة المخولة بالرد ومن هم غيرها يلتزمون الصمت. وحبذا لو كان لهذه الجهة مركزاً مبادراً للأبحاث يعمل من دون توقف حتى اذا ما وجدت أي اساءة كان الرد جاهزاً واضحاً ومعمقاً، وليس ردة فعل آنيه تغطي بعض الجوانب وتغفل بعضها.
لماذا نسمع دائماً في ظل الضجة التي تترافق مع الأحداث المسيئة، ضجةً أخرى من رجال الدين والمشايخ على الفضائيات والصحف. وكأنني كمسلمة لا أعرف ما هي الإساءة ولا اعرف من هو النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا أعرف ما هو الإسلام!!!
أما بالنسبة لمن يسيئ لهذا الدين العظيم، فلا رد عندي غير ما قاله جد الرسول-صلى الله عليه وسلم- عبد المطلب حين جاء أبرهه الحبشي لهدم الكعبة. حيث ذهب عبدالمطلب ليناقش أبرهه عن ماله وابله وغنمة، فتعجب أبرهه وقال: جئت لأهدم أقدس شيء عندكم وأنت تحدثني عن مالك وابلك!! ، فرد عبدالمطلب رداً عظيماً، حيث قال: للبيت رب يحميه!! فكانت الطيور الأبابيل.

وأنا أؤمن بأن لهذا الدين رب يحميه، وكفى بالله حسيباً ورقيباً و حامياً.